في بداية حديثي أود أن أتساءل معكم، لماذا تراجع مستوى الرياضة المدرسية بشكل كبير في الوقت الحالي؟ على الرغم من أنها كانت في الماضي مصدرا مهما وأساسيا للمواهب الرياضية في جميع الألعاب، إلى جانب أنها كانت تحمل في أنشطتها تنافسا كبيرا واهتماما بالغا على جميع المستويات.
وما زلت أتذكر وأنا في المدرسة المتوسطة النموذجية في الخبر، ونحن نخوض مباريات رياضية في مختلف الألعاب ضد مدارس أخرى، وكيف كان التنافس الكبير الذي تشهده تلك المباريات ومدى الاهتمام البالغ بها، كذلك أتذكر مع الأصدقاء والأقرباء كاثنين من أخوالي (كلاهما تشرف باللعب لمنتخباتنا الوطنية) وهما يرويان دور المدرسة في تعلمهم ودفعهم لممارسة الرياضة، والحرص على صقل مواهبهم وتشجيعهم على بذل الجهد لرفع مستوياتهم الرياضية، أو عندما أشاهد والدي – أطال الله عمره – وهو يمارس رياضة المشي يوميا ودورها في المحافظة على الصحة.
هذا جميعه ذكرني بلقاء الأمير المبدع فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم، ووزير الصحة الطبيب المنجز عبد الله الربيعة، وإيمان الأمير فيصل بأن الرياضة المدرسية ستوصلنا للأولمبياد والمشاركات الدولية، وتأكيد وزير الصحة على دور الرياضة في بناء الجسم الصحي لكلا الجنسين الأنثى والذكر، ما أدى بوزارة التربية والتعليم أخيرا إلى إطلاق ورشة ”الاستراتيجية السعودية للرياضة المدرسية”، التي ناقشت أهمية الرياضة البدنية في المدارس السعودية، وأكدت أن الوضع الراهن للرياضة المدرسية في السعودية استوجب وضع خطة استراتيجية لتطويرها وتنفيذها خلال مراحل، هادفة من ذلك إلى نشر الوعي الرياضي الموجِه إلى ممارستها لكسب اللياقة البدنية وتقوية الجسم، لرفع مستوى الكفاءة البدنية للطلاب عن طريق إعطائهم جرعات مناسبة من التمرينات التي تنمي الجسم وتحافظ على القرار السليم، والإسهام في تحقيق الأهداف العامة للتربية البدنية في جميع مراحل التعليم العام الابتدائي والمتوسط والثانوي، حيث أكدت الورشة حينها ضرورة دمج الرياضة بشكل فاعل ضمن المناهج الدراسية كأداة ليس فقط للمساعدة على النمو البدني للطلاب، لكن باعتبارها فرصة لتعليم المهارات للألعاب الجماعية والفردية.
إن الرياضة المدرسية في الوقت الراهن أصبحت روتينية إلى حد كبير، وهو ما أكده المسح الشامل لعديد من المدارس السعودية، الذي بين أيضا أن أغلبية المدارس تعاني نقصا حادا في الرياضة والممارسين الرياضيين الذين هم في حاجة إلى دعم معنوي ومادي، ما أثر بدوره في الرياضة بشكل عام، وإنجازات منتخباتنا الوطنية في جميع الألعاب، رغم ما تبذله الدولة من جهود جبارة للنهوض بجميع الألعاب الرياضية.
ما وددت طرحه يتضمن التأكيد على أهمية الرياضة المدرسية وعودة حماسها السابق وتنافسها الشريف الجميل، الذي أنتج لنا عديدا من المواهب التي وصلت إلى مستويات عالمية في السابق، لذا يجب علينا العمل على بناء استراتيجية تنطلق من المدرسة وتوصلنا إلى الأولمبياد والمشاركات الدولية، وبناء أجسام صحية بمشاركة جميع الجهات سواء وزارة التربية والتعليم أو وزارة الصحة أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وذلك ضمن أهداف وآليات واضحة تشمل في مضمونها الاعتمادات المالية أيضا .. فاللعب الجماعي والألعاب الرياضية، وغيرها من الأنشطة البدنية، تهيئ للأطفال والشباب والفتيات الفرصة للتعبير عن الذات، وبناء الثقة بالنفس، والإحساس بالإنجاز، والتفاعل مع المجتمع والاندماج فيه.