كم يحزُّ في النفوس التواقة إلى نشر مبدأ العدالة والمساواة والإنصاف بين البشر أن يغيب مثل هكذا مبدأ إنسانياً عن حاضنة إجتماعية تعتبر اليوم من أهم مولدات الطاقات الشابة والفاعلة في المجتمع، بل إنها أصبحت بمثابة المعاهد الدبلوماسية التي يتم فيها إعداد السفراء فوق العادة لتمثيل وطنهم، ومجتمعهم، وناديهم. نعم أقول كيف بات المزاج والهوى هما اللذان يُحددان درجة الإهتمام والرعاية اللتان هما حق للجميع في النادي على حدٍ سواء.
هذه الأندية التي تصرف جُلّ وقتها وجهدها للألعاب التي تُسمّى بـ ” الجماهيرية ” إنما تؤكد بذلك السلوك الإداري والقيادي غياب بصيرتها الإدارية، وأنها لا تسير وفقاً لنظام حوافز عادل يحقق الشعور بالرضا لكل مُجتهد، ويقضي على سلوك المقارنات القاتلة للكفاءات المُعتبرة، بل تعتمد في دعمها لهذه اللعبة أو تلك بناءّ على مزاجها وميولها، وما ترى أنه يتوافق مع المزاج العام الذي لا يلبث أن ينقلب عليها عند أول هزيمة لم تكن في الحسبان.
كما أن هذا التمييز في الرعاية لا ينحصر بين الألعاب الجماعية ، والفردية فحسب ، بل إنه يُمارس بلا حياء بين اللاعبين في داخل اللعبة ذاتها حتى وإن كانت تنتمي لألعاب الحظوة، حيث يتم معالجة ” لاعباً ما ” بسرعة عاجلة من إصابة تعرض لها، ويتم دفع فواتير علاجه بدون مماطلة ومعها قبلة ساخنة على جبينه الوضاء، بينما يضطر لاعبٌ آخر للتسول من الإدارة، أو البحث عن واسطة تشفع له عندها لتتكرم ” سعادتها ” إسوة بزملائه الآخرين، وكأنه ولد العبده، وليس من أبناء النادي البرره !!
إنك لو سألت أحداً من الشارع الرياضي السؤال التالي : من هي أم الألعاب في المضمار الرياضي؟ لأجابك على الفور بإبتسامة عريضة واثقة : بالتأكيد هي ألعاب القوى. نعم هي كذلك ليس لأنها الأقدم، والأقوى، والأعظم بناءً للياقة، والأكثر جهداً ومراناً، بل لأنها تعتبر بوابة الدخول لكافة الألعاب الرياضية المختلفة، كما أنها تمثل الرّكيزة الأساس في الدخول إلى مربع الإحتراف من خلال ” إختبار اللياقة ” الذي يتوقف على إجتيازه توقيع العقد من عدمه إضافة لجملةٍ من الشروط والمتطلبات الأخرى والتي تأتي في الدرجة الثانية من حيث الأهمية .
لا أحد يشك في أن الألعاب الجماهيرية كالقدم، واليد، والطائرة، وربما لعبة كرة السلة. تتسبب في الضغط على إدارات الأندية لتضعها في أعلى سلّم أولوياتها لكي تتفادى موجات اللوم، والعتاب، والنقد، والتجريح ، ومقاطعة المدرجات، وتدخل السرور على أكبر شريحة من منسوبي النادي، ولكن هذا لا يبرر البتة بخس حق الألعاب الأخرى مثل ” التنس الأرضي ، وتنس الطاولة ، والدراجات، وغيرها .. والتي تعتبر زوراً وبُهتاناً من ألعاب الظل التي لا تمثل دوراً فاعلاً ومؤثراً في سمعة النادي، ولا تحظى بإهتمام الجمهور، بالرغم من أنها الأرفع كعباً في حصد الميداليات في المسابقات الدولية ، والقارية، والإقليمية، والمحلية .
صبراً أيها المستضعفون في الأندية الرياضية، فإن بخست بعض الإدارات حقوقكم، وتجاهلت طيب نتائجكم، ولم تحترم تضحياتكم، وأزاحت بوجهها عنكم، فلا تضيق صدوركم، ولا تخور عزيمتكم، ولا يفت ذلك من عضدكم، ولا يتسبب هذا كله في حقدكم على إخوانكم في النادي المنتسبين للألعاب ” الجماهيرية المُدلّلة ” فتستحسنوا الباطل ، وتسقطوا في مستنقع التآمر، والتخابر، والغيرة المقيتة، وهم لا ذنب لهم، فتخسروا بذلك الموقف الإنفعالي السلبي سمعتكم الرصينة، وإنجازاتكم الرائعة، التي وإن ُظُلٍمتْ من بعض ذوي القربى، فإنها بالتأكيد لن تذهب سُدى عند رب العزة والجلال، كما أنها ستظل مشرقة في سماء النادي في عتمة الظلام، وحديث المجالس ولو على ألسنة المنافسين ، ويجب التأكيد هنا على أن المقال لا يرمي لتأليب اللاعبين على مجلس إدارتهم، إنما يأتي في إطار أداء الواجب حيال طرح معاناة اللاعبين، تماماً كما يتم طرح مخالفاتهم وسلوكهم الغير منضبط ، مع الإحترام الوافر لجهود مجلس الإدارة الموقر في كافة الإتجاهات.